هموم النحال السعودي

وقت القراءة : 7 دقيقة

هموم النحال السعودي

هموم النحال السعودي كثيرة ولا نبالغ إذا قلنا: “أن مهنة النحل تسير إلى الهاوية”. وكل سنة يخرج عدد كبير من النحالين من هذه المهنة التي تعد من المهن الصعبة والشاقة إضافة إلى هذه الهموم التي تؤثر تأثيرا مباشرا.

إن أهمية النحل وإنتاجه ثم إنتاج العسل رافد اقتصادي مهم. ويحق لنا أن نفخر به ونباهي، إضافة لذلك أن تربية النحل عامل تلقيح للنباتات مهم وضروري قد قيل قديما: أنه لا إنتاج عالٍ للنباتات والمحاصيل بلا تلقيح للنحل!

إحصائية نجاح المحاصيل بعد تلقيح النحل

أهم ما يعانيه النحال السعودي ويقاسيه:

المبيدات السامة

المبيدات تعتبر العقبة الأولى والكبيرة في وجه النحال عند تربية النحل والمحاولة من إكثاره.

دعونا نحكي قصة أحد النحالين الذي تأثر بشكل كبير من المبيدات. ودعونا ننظر المأساة وما تكبده من مشاكل مادية ونفسية لذات السبب:

أحد النحالين الحريصين جدا والمجتهدين والباحثين عن التميز في العمل، قام خلال الخمسة عشر الماضية بالبحث عن سلالة نحل متميزة حتى وجد ما يطمح له ثم قام بتحسين السلالة والإنتخاب في منحله -ومن يعرف كيفية الإنتخاب في النحل فهو سيدرك المشقة التي تأتي من هذا العمل-. يتنقل باستمرار لتوفير مناطق معزولة ويتخلص من أسوأ الملكات باستمرار ويقوم بالإنتاج والعمل الدؤوب .

توفير السلالات المطلوبة

قام هذا النحال بتوفير سلالة تضاهي أغلب المناحل الموجود إن لم يكن كل المناحل الموجودة، من ناحية جمع العسل والتطور على مستوى الحضنة ووو.

قام بإكثار هذا السلالة المنتخبة على مدى خمسة عشر سنة بعد مشقة واجتهاد. وتوفر لديه منحل يحتوي على 300 خلية نحل عالية المواصفات جدا. ومن المعروف أن النحل يحتاج لمرعى دائم حتى يحافظ على استمراريته ونشاطه، فقام هذا النحال بوضع النحل في موقع قريب من المزارع ونسق مع المزارعين عن موعد الرش؛ إلا أن أحد المزارعين نسي وقام برش مزرعته بإحدى المبيدات السامة. ولكم أن تتخيلوا الوضع المأساوي الذي عاشه النحل ليلتها!

ذهب هذا النحال يوما لمنحله بصناديقه لإيجاد تقاسيم جديدة وإنشاء منحل جديد من هذا المنحل، فوجد لأن الأرض اسودّت من النحل الميت ورائحة النحل الذي مات كاملا ليلة البارحة تعجّ وتفوح!

نحل ميت في أرضية المنحل بسبب المبيدات السامة والقاتلة

هم في الحقيقة نحالين كُثر وليس واحدا:

هذا النحال ليس وحده الذي تضرر. فالنحالون المتضررون بالمبيدات كثيرون جدا بعضهم يعلم أن موت نحله بسبب المبيدات والبعض الآخر لايعلم، وتبقى المبيدات هي العقبة الأولى لتضرر المناحل بشكل عام.

ومن هموم النحال السعودي التي تؤثر على عمله:

فقر وشح بعض المناطق

لايخفى عليكم شح وفقر مناطق واسعة. ولما نشير للفقر والشح هنا لايعني أنها بيئة غير منتجة للعسل، بل هي منتجة جدا ولكن الاستمرارية تعتبر معدومة. فمثلا لدينا مناطق الوسط من الجزيرة العربية تشتهر بأشجار الطلح، وأشجار الطلح تقوم بالتزهير مرة واحدة فقط في السنة في شهر ونصف تقريبا. فيتم جمع العسل منها وأما باقي شهور السنة فهي خالية تماما من التزهير وغذاء النحل فتعتبر أماكن لاتناسب النحل على الإطلاق.

قساوة المناخ

أما المناخ في شبه الجزيرة العربية هو قاريّ حار صيفا بارد شتاء والبرودة شتاء هي نسبية. عموما كثير من الأحيان يتجه النحل للتكاثر والتطور إلا أن هذا لايدوم طويلا؛ فقد تأتي رياح خماسين حارة تقوم بحرق النبات وتنشيفه من الرحيق أو العكس. فقد ينزل المطر في غير موعده مما يسبب نقصا في التزهير. وهذا بدوره يؤثر أثرا مباشرا على التطور والتكاثر لخلايا النحل.

ومن أكبر هموم النحال السعودي:

دخول العسل المستورد

هذه النقطة أيها القراء هي من المفترض أن يتم إفرادها بمقال مستقل. ولكن ضمنّاها هنا؛ لأنها أحد أكبر الأسباب التي سببت عزوفا كبيرا وهجرة للنحالين عن مهنة تربية النحل.

لايخفى على الجميع أن أحد أكبر مسببات كساد السلع هو توفرها بكثرة. وهذا جانب تجاري بحت ولا نعترض كنحالين على توفر العسل المستورد -نقصد التجاري المغشوش أو كما يسمى شبيه العسل-. فنحن لانعترض على ذلك بل نعترض على مقارنة العسل المحلي ذو الجودة العالية بهذا المنتج المستورد والذي يسمى شبيه العسل!

—————————————-

(هنا مقالان تفصيليان عن العسل المستورد والمغشوش)

—————————————-

حماية المنتج المحلي

إن حماية المنتج المحلي مهمة جدا بل واجبة. خصوصا في ظل سعي الدولة لرفع مستوى الناتج المحلي والعسل بلا شك ضمن هذه المنتجات. وهو رافد اقتصادي مهم ودخل عالي يجب حمايته، وتقنين العسل المستورد لإتاحة المجال للشباب العاطل عن العمل. للانخراط في هكذا مجال.

التستر التجاري

إن التستر التجاري هو سرطان العصر، وهو ضمن أسوأ الأمور التي نلاحظها كنحالين وأصحاب مهنة في هذا المجال .

التستر التجاري في مهنة النحل قائم على ذمة ذلك الشخص الذي مكّن وسعى لإيجاد التراخيص اللازمة، لمن؟ للمقيم الذي يعمل على مضايقة النحالين الأصليين في المراعي. بل الأدهى من ذلك والأمرّ أن يقوم بتغذية النحل بالمحلول السكري أثناء الموسم لزيادة الإنتاج ومن ثم اقتسام النسبة مع المتستِر.

التحكم في رفع أسعار النحل

بل الأعظم من ذلك تحكمهم في أسعار النحل المستورد ورفعه والقيام بمنعه؛ لأن بعضهم في الأصل يتبع مؤسسات تقوم باستيراد النحل ثم بيعه. فما بالك بإتاحة الفرصة لهم وتمكينهم من المنافسة في هذا المجال؟ حتما سيتصرفون هم ومستريهم بإخراج المنافسين من النحالين المحليين من هذا المجال بقوة وبنظام للأسف.

وهذا من أضرار التستر التجاري الذي سعت الدولة في محاربته؛ وكلنا أمل كنحالين وعلى استعداد للتعاون لمحاربة سرطان العصر.

ومن الهموم التي يعانيها النحال:

الآفات التي تصيب الأشجار

لا تُذكر الغابات وإنتاج العسل من الأشجار البرية إلا وتذكر الآفات التي تصيب الأشجار، والتي قللت من الإنتاج على مستوى العشر سنوات الماضية.

الآفات التي تصيب أشجار الطلح أضرت كثيرا بالمراعي الطلحية، ثم بالتأكيد أضرت وقللت إنتاجية النحالين من عسل الطلح المحلي ويُخشى لاحقا فشوّها في أشجار السمر، خصوصا إذا استمر الوضع بالتدهور هكذا، فالآفات تتكاثر والأشجار تموت خصوصا في ظل عدم توفير الحماية والمعالجة لهذه الآفات.

في هذا الفيديو نشرنا بعض الإصابات، “وهو تقرير خاص لوادي ديم يرصد التدهور الحاصل في المراعي الطلحية“:

تقرير مصور خاص بوادي ديم

ومن أبرز هموم النحال السعودي :

إغلاق النطاقات المحمية في أوجه النحالين

يعاني النحال في المملكة العربية السعودية من عدم إتاحة المحميات له وتعقيد الدخول بل ومنعه أحيانا، وعندما نمعن النظر ونحسن الظن لا يسعنا إلا أن نقول: أن ذلك بسبب عدم وجود نظام خاص بالنحالين ودخول المحميات.

ولا نعلم لم حصل هذا التأخر؟ رغم أن القرار ذكر في سياق تطبيق المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية لنظام تربية النحل الصادر بالمرسوم الملكي رقم م15 وتاريخ 13-3-1431، التي نصت على السماح بدخول المناحل للمحميات الطبيعية بعد التنسيق مع الهيئة السعودية للحياة الفطرية وفقاً لتسعة ضوابط أساسية، أبرزها حصر دخول المحميات للنحالين المسجلين لدى الوزارة والحاصلين على تصريح نحال، وعدم استخدام أي نوع من المبيدات لأي سبب من الأسباب، إضافة إلى حصر الدخول على المناحل التي تربي سلالات النحل المحلية فقط، على أن يكون الدخول خلال مواسم تزهير المراعي والنباتات.
وأفاد وكيل الوزارة للزراعة أن هذا الاجراء جاء تلبيةً لرغبة مربي النحل بالسماح لهم بالدخول إلى المناطق المحمية الطبيعية في المملكة، مما يسهم في زيادة محصول العسل المحلي بجودة مرتفعة نتيجة لتنوع الغطاء النباتي وحمايته في تلك المناطق المحمية.

إلا أننا كنحالين لم نستفد من هذه المناطق المحمية، ولا توجد إجابة واضحة عندما نسأل عن السبب!

وآخر هموم النحال السعودي ونرجو أن يكون آخرها:

عدم تفعيل دور أغلب جمعيات النحالين بالشكل المطلوب

ومن المعروف أن جمعيات النحالين والنقابات في البلدان المتقدمة والتي سبقت في مجال اتربية النحل بشكل احترافي لها دور بارز ومهم جدا في نهضة هذا القطاع وتطوّره وإضافة المزيد فيه والتغلب على عقباته.

دعونا نعترف أن هذه المشكلة إنما هي في النحالين أنفسهم وأهمها عدم الوعي بأهمية ودور القطاع التعاوني. إضافة إلى غياب الوعي المجتمعي بتطوير وتنمية وتأسيس الجمعيات ثم أخيرا عدم وضوح آليات تمويل الجمعيات التعاونية .

نعم هناك بعض الجمعيات النشيطة والنقابات خارج المملكة العربية السعودية أو داخلها يجب الاستفادة من خبرتها في هذا المجال. أو على الأقل محاكاتها حتى يتم بلورة تصور واضح للأفراد لضمان صيرورة العمل. وكلنا أمل في الأفراد من النحالين للرقي والنهضة بهذا القطاع المهم.

خاتمة

عندما نذكر هذه الخواطر والهموم فنحن نرغب في الإيمان بها ومن ثم العمل على إيجاد الحلول سواء بالتعاون مع النحالين أنفسهم أو حتى الجهات الرسمية فالقطاع النحلي في المملكة العربية السعودية لازال جديدا رغم قِدمه ولا زالت الأفكار فيه قيد التبلور ونرجوا من الله أن يوفق الجميع لما فيه خير.

أعده وكتبه: عبدالله ال خميس “مؤسس وادي ديم”

شارك المقالة مع الآخرين

Share on facebook
Share on twitter
Share on linkedin
Share on telegram
Share on whatsapp
Share on email
مراسلة
تحتاج مساعدة ؟
خدمة العملاء | وادي ديم
مرحباً بك في وادي ديم ..
كيف نساعدك ؟